من الخطر الوارد العقول التي تشكك في أصول ثابتة، ومعالم واضحة، فترى الحق باطلا وترى الباطل الذي تعيشه حقا بيّنا موصلا بذلك إلى جنات النعيم، فمجمل ما أتحدث عنه الآن في قصة علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع الخوارج، كان علي رضي الله عنه ذا رأي سديد مع خذلان الخوارج له إلا أنه انتصر في النهاية، فالحق أينما كان لا بد أن يظهر، فما أجمل براعة المنتصر في جمع الحق بين يديه، وشجاعة القول والسيف تسبق كل ذلك.
لقد وضع الخليفة علي بن أبي طالب منهجا قويما في التعامل مع هذه الطائفة، تمثل هذا المنهج في قوله للخوارج: « .. إلا أن لكم عندي ثلاث خلال ما كنتم معنا: لن نمنعكم مساجد الله، ولا نمنعكم فيئا ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا» رواه البيهقي وابن أبي شيبة. وهذه المعاملة في حال التزموا جماعة المسلمين ولم تمتد أيديهم إليها بالبغي والعدوان، أما إذا امتدت أيديهم إلى حرمات المسلمين فيجب دفعهم وكف أذاهم عن المسلمين، وهذا ما فعله أمير المؤمنين علي رضي الله عنه حين قتل الخوارج عبدالله بن خباب بن الأرت وبقروا بطن جاريته، فطالبهم رضي الله عنه بقتلته فأبوا، وقالوا: كلنا قتله، وكلنا مستحل دماءكم ودماءهم، فسل عليهم رضي الله عنه سيف الحق حتى أبادهم في وقعة النهروان.
ما نشاهده الآن أن أرواح المسلمين تزهق، وقتل كل مسلم واجب، وانتهاك حرمات المسلمين وأعراضهم يفعلان بدون أي وجه حق، وأموالهم تسلب في جميع الأحوال، ويرون أنهم أهل الحق ومن جاء بسنة محمد، فمن هم خوارج العصر الحديث؛ خوارج الفتن والعنصرية والتحريض على وحدة الأمة الإسلامية، خوارج الفرقة و تمزيق الشمل، إنهم أسوأ من الكفار والمشركين، يحملون الدين بالاسم دون المخافة من ارتكاب الجرائم، فالمسلم يقتل ويعذب، وينتهك عرض أهله أمام عينه، يقتل؛ ليس يقتل فقط، بل ينحر نحرا، هل هذا دين جديد أم هذا ما وصى به الدين الحنيف والسنة المحمدية، الفتن مستمرة. يجب علينا الانتباه، فالأمر ليس محل تجريب، بل قد ينتهي إلى جهنم والعياذ بالله، الخوارج غلاة متفيقهون ضالّون في التصوّر والاعتقاد والسلوك، مع التشديد والأخذ بأحاديث الوعيد دون النظر في أحاديث التبشير والوعد، ولذلك استحقّوا التسمية النبويّة بأنّهم:
(كلاب أهل النار، يقتلون أهل الإسلام، ويذرون أهل الشرك والأوثان).
لا بد أن تتذكر هذا الحديث دائما الذي قال فيه نبينا عليه الصلاة و السلام: (لا تزال طائفة من أمّتي على الحقّ منصورة لا يضرّها من خالفها ومن خذلها)، لا بد من الحذر واتباع نهج نبينا وصحبته والابتعاد عن كل من يشكك في معتقدات الدين الحنيف وعمن يخالف أهل السنة والجماعة، والعزم في السير خلف خطوات السلف الصالح الموحدين لله والحاملين راية الصلاح والمعرفة الدينية، فنهج عقيدة التوحيد مسؤولية الجميع نصل منها إلى جنة عرضها السماوات والأرض بإذن لله، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.
مجمل المقال باختصار، احذر أشد الحذر من اتباع أهل الفتن والهلاك، خطأ فادح لمن يفكر بما يفكر به أهل الضلال ويسير على نهج الهلاك، فالحق سوف يدمغ الباطل أبى من أبى وشاء من شاء، فقد قال تعالى: (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق