هنا لقراءة المقال من صحيفة مكة
ما زال لديك الكثير من الفرص، ما زال لديك الكثير من اللحظات والأمنيات، نصارع أيامنا وكأنها الأخيرة ونصارع الأمنيات وكأنها لن تتحقق، نتأمل كثيرا في سماء خالية من الغيوم وننتظر هطول الأمطار، نبحر في الخيال مرات عديدة ونخشى الواقع بكل التوقعات، نلوم الأمس ونخاف من الغد، نقلق من القادم وننسى ما يجب فعله الآن، نصنع من الفشل قضية ونقف منتظرين النجاح، لا نصحح الأخطاء ونلقي اللوم على الآخرين، نهتم لما يقال وننبهر بردة أفعالهم السلبية تجاهنا، ندعو الآخرين بمصالحة مع ذواتهم ونجهل معنى قيمة أنفسنا، لا نخاف ولا نقلق ولكن نعجز عن خوض معركة ندافع بها عن قيمنا وقراراتنا.
الكيان أشبه بذلك الصرح العالي الذي يبدأ بقاعدة كبيرة ثم ينتهي من الأعلى بقمة مرتفعة يبدو التشبيه بليغ المعنى وغير واضح الفكرة، ولكن المهم في ما يمكن أن يحوي عليه ذلك الكيان الذي يكون مرتفعا ولا يرى ما تحته من زعزعة وانتفاضة، الشخص يحارب ذاته من الخارج أي يعني حروبه مع غيره في أمور قد تخص العلاقات والاعتقادات والآراء والمبادئ، ولكن لا يرى حربه وعداوته مع نفسه؛ فيدخل في أمور غائبة عن عقله ويخوض في معارك أكبر من تفكيره ويشارك في أحاديث لا تعنيه فقد ينهار بشكل بطيء وغير ملحوظ؛ فكل بناء قابل للانهيار أو الترميم هذا بما يخص مهام الإعمار، فكيف بحال الأشخاص المتساقطين بسبب أفكارهم وحواراتهم!الشخص عندما ينكسر قد يرى الحياة كئيبة وذات لون أسود دائما ويستنكر معرفة الأشخاص ومقدار محبتهم له من عدمها وأنهم أعداء له بمجرد ما يعيشه من حيرة وضياع مع قناعاته الداخلية ومع تعاملاته معهم وردة أفعاله مع محيطه، قد يظن بهم سوءا وهم أصحابه فعلا وقد يندفع إليهم وهم لا يردونه إلا بحال جيد، وربما يدخل في دوامة لا يستطيع الخروج منها بسهولة، يحارب باسم الأوهام ويشعر بالانتصار ويحب العزلة ويقلق من فكرة وجود أشخاص من حوله، فالشخص عندما ينهار ويشعر بالضعف سوف يبحث عن أمور وهمية تجعله قويا مهما كانت تلك الأمور لكي يكون تفكيره قويا ورأيه قويا وأسلوبه قويا، معتقدا بأنه فعلا قوي، والصحيح هو مجرد وهم يخفي به حقيقة فشله وضعفه.لا تحارب نفسك بمجرد وهم تشعر به فقط، لا تحارب نفسك لكي تلفت انتباه من حولك إليك، لا تحارب نفسك حتى لا تصاب بالضعف، بل حارب أفكارك الخاطئة ومعتقداتك السيئة وأسلوبك غير الجيد وآرائك غير النافعة، حارب ظنونك المبتذلة تجاه الآخرين، وحارب لسانك بالصمت في المواقف التي لا تستدعي التحدث فيها لأجل من حولك لا يبغضونك وينفرون منك، ابتعد عن الطرق التي قد تقع بك في مواقف محرجة أنت في غنى عنها وابتعد عن التدخل بشؤون الآخرين ولا تتحدث مع أشخاص لا يرغبون بحديثك بل ضع لك مسارا آخر مختلفا، وعش يومك وتفاصيلك البسيطة واختر ما يناسبك من الأشخاص والأماكن، لا تتصرف بجهل وعداوة تجاه نفسك بل اجعلها أول قرار في التعديل، هو تعديل سلوكياتك وتصرفاتك لكي تظهر عند المجتمع بأحسن وأمثل مظهر وبأفضل صورة تجد نفسك بينهم من الذين يحظون بالاحتفاء والتشريف ومن الذين يصنعون لهم مكانة وقيمة في المجتمع.إذن افهم قيمة نفسك لديك أنت أولا ثم البقية فهي عملية مهمة جدا، حتى تعيش في طمأنينة وهدوء وتعتاد على التفكر بشكل جيد وتكون أكثر إلماما ومعرفة لما يدور حولك، ثم عندها سوف تجد نفسك بأفضل حال واستقرار، والقيمة التي لابد ألا تحارب نفسها هي قيمة نفسك؛ لذا لابد أن تواجه وتحارب وتدرك معنى أهمية قيمة نفسك في هذه الحياة، ولتكن بإظهار وكشف تلك القيمة وليس بحجبها وإخفائها، وكذلك يجب عليك الأخذ في الاعتبار أهمية قيمتك كفرد نافع وعنصر مميز في المجتمع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق