هنا لقراءة المقال من صحيفة مكة
نزل الله كتابه لكي يصل النور والمعرفة والفهم للأمة واختص نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بحمل تلك الرسالة إلى الثقلين أجمع ولم ينقص من تلك الرسالة أي شيء بل جعل السنة النبوية مكملة لهدي كتاب لله بسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، لا يمكن لأي شخص كان يفصل الطرفين عن بعضهما البعض، ولكن التفريق في ذلك يعتبر إنقاصا وجهلا وقلة احترام وابتذالا لأمر عرف بعضه وأعرض عن البعض، عندما نعترف بكمال الدعوة الإسلامية وسماحة الدين والقيم الصحيحة لما جاء به الدين هو النضج بحد ذاته والفهم والاختيار لطريق الجنة.
وعدم فض النزاع والإشراك بإعلان الحرب والضياع بين الأهواء والرغبات وما يجب وما يصاغ هي دوامة خطيرة تتجه إلى التطرف وترك ما يجب اتباعه من هدي الكتاب وسنة نبيه، نحن محاربون في عقيدتنا وقيمنا الإسلامية هنا يجب عليك فهم العقيدة بشكلها الصحيح والتعرف على ما يحمله الدين من هوية وهداية وتصحيح وقضايا ومسائل عديدة، عندما تقرأ آية أرجوك أكملها حتى تفهم ما تحمل من معنى ثم فسرها كما يرضى الله ويحبه نبينا، فهنالك كتب تفسير وعلماء أجلاء فهموا القرآن لسنين طويلة حتى ينقلوا لنا ما فيه بعدة دقائق قليلة ونلاحظ أن العلماء عندما يفسرون الآية حتى تقف عند موضع المطلوب الوقوف عنده، وعليك أن تراعي حق الله في أن تفسر بشكلها الصحيح والمطلوب كما نزلت الآية ولا تطبق على هوائك وعلى صورة التي تحبها أنت وتتجه إليها، أرى فئة يفسرون حسب ما ترغب به أنفسهم، وهذا أمر خطير وآثم قد يقودهم إلى حفرة عميقة صعب الخروج منها، فلماذا الآيات ترقم إذا ولماذا تأتي لنا بتسلسل وترتيب وليست عشوائية أو فوضى بل كل كلمة وضعت لها معنى وقيمة ولفظ وحل وربط أيضا، لا تجعل الآيات تفسر في غير محلها وجهلا بمعانيها لكي نقول إنك مثقف وفاهم ولديك المزيد من العلم والمعرفة بل ربما قد وقعت في الجهل بحد ذاته، القرآن يحمل خطابا صريحا وعناوين واضحة وبساطة وسهولة وتسلسل، ولكن الخطأ هو عدم فهم القرآن كما ينبغي فهمه على وجهه الصحيح بعيدا عن الأهواء والتلاعب والتصغير والادعاءات الباطلة باسم أن معنى الآيات هكذا، لا أعلم إلى أين يريدون الوصول؟
وإلى أين المرحلة التالية؟ ولكنني أخجل جدا أن أدعي آية لكي توافق رأيي ومبدأي وقراري لأجل تكون حجة لي واستشهاد يحقق لي ما تتطلبه نفسي وقد تكون عند الله عكس ذلك تماما حجة ضدي (فاللهم أعوذ بك من السوء والأهواء والظن والفتن ما ظهر منها وما بطن ومن الضلالة واتباعه وضياع الحق وغضبك).
قد يرى البعض أن رد بالآية حجة واضحة وبالغة وأنها ليست محل شك وتكذيب ولكن الخطأ ليس في هذا بل الخطأ كيف تستدل بطريقة سليمة ونافعة تعينك على فهم الحق واختيار الآية في معناها الصحيح للاستدلال، وأرى أن الاستدلال دون الفهم هذه جريمة تقترفها في حق كتابه؛ لأن أخذ جزء صغير دون إكمال المعنى عند الوقوف المفترض يعتبر جهل منك وعدم معرفة بمعنى المقصود فهل عند نطق بداية اسمك بموضع ذا أهمية يعني أنت المقصود دون نطق باسم الأب والجد والعائلة فذكر البداية دون النهاية يعتبر نقصا وعدم فهم وحلقة ضياع لن تنتهي، وقد تظن أنك على حق وفي الحقيقة أنت غريق في بحر الأهواء و الظنون، قال تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ).
إذا لماذا نتعلم؟! ولماذا نتدبر! ولمن سوف تعم الفائدة ؟! أليس لذاتك أولا!. ثم تنقله لغيرك في موضع صحيح وسليم من ناحية الفكرة والمعنى والمضمون كما يريده الله ورسوله، العجب أننا نقول من فضلكم أكملوا الآيات، ويقولون نقف هنا لأننا لم نحفظ؛ بل القرآن لا يحفظ بقدر أنك تفهم ما به من معنى ومحتوى ومضمون عندما تستشهد بآية الحق عليك أن تأتي بها كما كان تفسيرها حتى لو لم تعرف معنى كلمة عليك العودة للقرآن ومعرفة ما معنى الكلمة وماذا تقصد ثم تفسر الآية مع فهمك لمعاني المفردات المذكورة، قال الإمام ابن كثير -رحمه الله- في تفسير قول المولى سبحانه: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا}: «أي: اقرأه على تمهل؛ فإنه يكون عونا على فهم القرآن وتدبره، وكذلك كان يقرأ صلوات الله عليه، قالَت عائشة رضي الله عنها: كان يقرأ السورةَ فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها»، وقال الشيخ ابن تيمية -رحمه الله تعالى- عن أهمية الوقف عند الآيات وذكر «وقوف القارئ على رؤوس الآيات سنة، وإن كانت الآية الثانية متعلقة بالأولى تعلق الصفة بالموصوف، أو غير ذلك»، «انظر (الفتاوى الكبرى الجزء 334/5).
ويمنع من القطع إذا أخل بالمعنى، كمن يَقرأ: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} ثمَّ ينهي القراءةَ ولا يقرأ الآية التي بعدها، والبحث فيه تَفصيل، وهذا هو المقصود من نقله، وقال زكريا الأنصاري -رحمه الله- في المقصد: (يُسنُّ للقارئ أن يتعلم الوقوف، وأن يَقف على أواخر الآيات إلا ما كان شديد التعلق بما بعده، كقوله تعالى: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ}، وقوله: {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}؛ لأن اللام في الأول واللام في الثاني متعلقان بالآية قبلهما).
إن الوقوف عند نقطة معينة لفهمها أجدر وأنفع، وأن ترابط الآيات وتسلسلها لكي ندرك معانيها هو ما يجب علينا فهمه لسبب واحد؛ لأنه القرآن فهو خال من العيوب والنقص والتحريف والتكلف والتمثيل والافتراءات والادعاءات، أرجوك افهم القرآن قبل أن تضعه حجة لك واستدلال لكي تخبرنا أنك صاحب علم وأنك شخص فاهم ومثقف وواع، إن أولى ما يجب عليك الوعي فيه هو آيات الله لا تكن متلقيا فقط فارغ من الحس والفهم والتدبر والتأمل في كتاب لله.. لهذا اتق لله بنفسك وبمن حولك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق