هنا لقراءة المقال من صحيفة مكة
هناك الكثير من الأمور التي قد تكون غائبة عن أفكارنا ومبادئنا وأسلوب تعاملنا، نرى ما نريد أن نراه ونضع ما نريد الاهتمام به، نجهل حقيقة أنفسنا وثقافتنا واكتشافنا لما في داخلنا ونعيش على أمل أننا نعيش بالفعل لكن دون جدوى، نقف حائرين في طريق واحد ونغلق عدة طرق أمامنا، نبحث عن الشغف وننسى قيمة الطموح، نحلم بلا سعي ثم نطلق على أنفسنا حمقى، نجتهد ونوضح ونرغب ولكن نحبط ثم نقول إننا فاشلون بلا تقدير منا لمحاولاتنا وما نبذله حتى لو لم نصل.
تقف العبارات بيننا وبين أنفسنا بل هي السبب الأساس في تحطيم ما بداخلنا من طاقة وحماس ورغبة، وتبقى الجرم الذي لا يختفي ولا يغيب يشعل فتيل الخراب ويحرق كل ما بداخلنا من شعور وقيمة ومعنى، نصبح أشخاصا آخرين ومختلفين عن غيرنا بأفكارنا ومعتقداتنا، ربما حينها نفضل الهدوء ونرغب بالعزلة ونبتهج في أوقات ليس بها أحد سوى أنفسنا، لا نود الجلوس لوقت طويل مع أحد ولا نهتم لما يقال عنا ونغير مفاهيم كانت ساذجة احتفظنا بها لوقت طويل والآن نمزقها لكي نكسب حياة أكثر طمأنينة وسكونا ظانين ومعتقدين بذلك، نجد بعض العبارات قاتلة تقتل كل شيء وتعم الدمار بكل شيء أمامها من إحساس وفكر وطموح وحلم واعتدال ومصالحة.
لابد من وضع قاعدة قوية حتى لا نسقط ونتجرد من شخصياتنا بسبب كلمات تقلل طموحنا وتجعلنا ضعفاء أمام مواجهة أنفسنا وقراراتنا والمحيط من حولنا، لابد من اختيار سبيل لا يقتصر على حفظ النفس فقط بل يشمل سلامة العقل والسلوك والروح والوقت، قد نسمع ونندهش لكن يبقى الزمن هو الكفيل بتعديل ما بداخلنا وتحسين نقاط الضعف إلى مكتسبات فعلية تهيأ في اختيار العزلة لوقت ليس طويلا مثلا وتكون خطوة جدية لتحسين مستوى الطاقة الحيوية التي تنعش كل جزء بداخلنا وتبث به روح الإيجابية والتفاؤل والاستجابة؛ لأن العزلة في الأغلب تتخذ كأسلوب علاج للنفس بعد مواجهات صعبة مررنا بها أو مواقف أكبر من توقعاتنا واستطعنا تجاوزها بأقل الخسائر، نستطيع محورة ما هو سيئ إلى ما يبدو جيدا، فالاعتزال والتعزيز من الأمور الواجب علينا الاهتمام بها حتى نستطيع العيش في هذه حياة بحال أفضل.
حين نعتزل ما يؤذينا لا يعني أننا مصابون بحالة نفسية أو سيئون مع غيرنا، بل هو بمثابة استجمام ونقاء للنفس بشرط أن يكون ليس لوقت طويل حتى لا نعتاد على الاستمرار بتلك الصفة ونرغب بها دائما ونضيع قيمة المجتمع الذي يريد منا فعالية وتحسينا وتعايشا وتأثيرا، لابد أن نستجيب للمؤثرات التي تريح أنفسنا ونبقى مطمئنين بها حتى نعيد بناء ما تم هدمه وننتشل الخراب منه ونعزز الثبات بداخلنا ونجد هذا الثبات في حالات السكون والهدوء أكثر ثم نقاوم نظرية الميل وعدم الاتزان بالاعتبار والاعتدال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق